جديد(هي ولم اعترف أنا ) 42f517963cd5cb4c71b83e46da24f041

لم أجرؤ على البوح بمشاعري، فبدأت أكتب له في كل يوم جملة، أو حتى كلمة على إحدى نوافذ

سيارته، كنت استرق اللحظة لأكتب شيئاً ممّا يجول في قلبي ويحبس أنفاسي..

في البداية لم تثر كتاباتي اهتمامه، فكان يمسحها بسخط، دون أن يحاول قراءتها، معتقداً أنّ أحد

الصبية قام بذلك، إلى أن لفتّ أنا نظره إلى وجود جملة ما على نافذة السائق..

وبالرغم من أنّ حصار انتباهه صار أشدّ، مع ازدياد تعلقه بصاحبة الكتابات المجهولة، إلا أنني كنت

أتمكّن من الكتابة..

حتى صار مهووساً بالتعرّف إلى الفتاة، وكنت أساعده في نصب الكمائن لها حيث يترك السيارة

ويراقبها من بعيد، علّ المجهولة التي ملكت قلبه تكتب له شيئاً..

هي لن تأتي لأنني كنت أقف معه أنتظر مجيئها.

ولأنه لم يخطر في باله، ولو لثانية واحدة، أن أكون أنا هي تلك الفتاة التي باتت محور حديثه معي،

ظلّ يخبر الجميع بـأنّه «يدفع عمره ليعرفها»..

استبعاده لي خارج دائرة الاحتمالات أكّد لي أنّ إعلاني عن نفسي سيخيب أمله بفتاة أحلامه،

وسيجعله يندم على دفع عمره بالمجان..

وهكذا أسرتني اللعبة وأسره الحب، حتى إنه أصبح يرسم ملامح لفتاته ويحدّد طولها ولون شعرها

وحجم عينيها ونبرة صوتها..

كانت ملامحها تزعجني لأنّها لم تكن تشبهني إلا بكتاباتها!..

بعد مرور عدّة أشهر على فخّي الذي نصبته بكلماتي وغبائي، شاهد فتاة أخرى مستنسخة عن تلك

التي رسمها في خياله تقف أمام السيارة. كانت في الحقيقة تصلح شعرها على نافذة السائق، إلا أنّه

بفرح شديد صرخ: «وجدتها وجدتها»..

لم يعطني فرصة لأوضّح له أنّ تلك الفتاة لم تكن تكتب على الزجاج المغبر، وأن أمره لا يعنيها لأنّ

اكتشافها كان أهم بالنسبة إليه بكثير من اكتشاف الجاذبية الأرضية..

عرّفني إليها بعد فترة على أنّها صاحبة الإصبع الجميل

(كونها كانت تستخدم إصبعها للكتابة على النوافذ المتسخة)..



لم تنكر هي، ولم أعترف أنا.